يُعَدُّ التنبؤ أحد المقومات والمراحل الأساسية للتخطيط وفي نفس الوقت يُعَدُّ نشاطاً ذهنياً يرتبط بوجود النشاط البشري. لذا تتوقف درجة فاعلية إدارة الأزمات والكوارث على أهمية التنبؤ العلمي بالمتغيرات البيئية حتى يمكن رسم السياسات الفاعلة والملائمة لهذه المتغيرات التي عادة ما تكون خارج سيطرة المنظمة أو المؤسسة. إن التخطيط السليم للمستقبل لا يمكن تحقيقه إلا من خلال توظيف التنبؤ لمثل هذه الأحداث قبل أن تتحول إلى أزمات وكوارث. ومن هنا تظهر أهمية معرفة أو توقع أو تنبؤ ماذا سيحدث غداً من مشكلات وما يستجد من مخاطر ومهددات إضافة إلى أن إعداد العدة واستكمال التجهيزات وتطوير وتحديث الآليات والأساليب في ضوء ما يتم التنبؤ به أصبح أمراً حتمياً لكافة المؤسسات وعلى مستوى العالم. أيها الأخوة لذلك فان أهمية عنصر التنبؤ في عملية الاستشراف المستقبلي، والتخطيط الأمني، وترسيخ نهج الأمن الوقائي، إضافة إلى تدريب الكوادر على تطبيق الأساليب الكمية لحساب التقديرات المستقبلية . يعد من الأمور التي تتصف بالأهمية الكبرى في عملية إعداد الخطط ومنهجيتها ، ووضع الاستراتيجة التي لابد أن يسير وفقها العمل على ضوء ما تم التنبؤ به من مستجدات قد تحدث في المستقبل المنظور والبعيد. وهنا بإمكاننا أن نحصي العوائد الأمنية لعمليات التنبؤ و منها: تقليل احتمالات الخطأ أو الفشل، رفع كفاءة أداء المهمة، وتحديد المسؤوليات، وتوزيع الأدوار والاختصاصات، وحساب الزمن اللازم لأداء المهمة والاستعداد لها، ومتابعة تنفيذ الأداء، حساب نسبة الاستيعاب الذي وصل إليه المتدربون. ولابد أيضا من تدريب الأفراد وبقية الكوادر على مهارات التنبؤ بمختلف المجالات الشرطية الأمنية، للتعرف على سبل مواجهة المستجدات والأحداث ، وتوقع الأزمات وطرق وضع الاحتمالات وتفادي المخاطر، وأساليب التحليل العلمي والإحصاء ونتائجه وعمليات البحث بعد التنبؤ بأحدث وسائل الاتصال . أيها الأخوة إن عصرنا الحاضر يتطلب من خبير الأزمات أن يعمد إلى التشخيص الصحيح والعلمي لبوادر الأزمة للتعامل معها بعيداً عن الارتجالية والعشوائية، بعد توفر المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب باعتبارها الأساس العلمي لعملية التشخيص، مع مراعاة البيئة التي تحدث فيها والتعامل معها وفق ضوابطها وأنظمتها، فلكل بيئة حلولها المناسبة التي تستطيع التنبؤ بأزماتها ومعالجتها وفق قاعدة (تشابه الأعراض لا يعني تشابه الأمراض). إن إيجاد مراكز متخصصة بعلم إدارة الأزمات والكوارث أصبح ضرورة إستراتيجية للتعامل مع أحداث القرن الحادي والعشرين وتدريب الكوادر الشرطية للتعامل معها. أبناء العين الساهرة من هنا تتضح أهمية البعد الاستراتيجي للتنبؤ بالأزمات الذي أصبح دوره ضرورياً جداً في هذا العصر. ومن ناحية أخرى الحاجة إلى عقد المؤتمرات والندوات وتصميم البرامج التدريبية ،وتسخير التقنيات الحديثة لمواجهة الأزمات والكوارث بحيث تأخذ في الاعتبار برامج للإدارة العليا، وجرعات تدريبية تخصصية للعاملين للمواجهة في حالة حدوث الأزمات باحترافية ومهنية وتحت أية ظروف، إضافة إلى أنه لا يمكن إهمال الإعلام وقت الأزمات، فوصول الرسالة صحيحة من خلال نقلها في الوقت المناسب للمستقبل يُعَدُّ عاملاً مهماً في نجاح التعامل مع الأزمات، فالإعلام له دور حيوي وأساسي في عملية التنبؤ بوقوع أزمات معينة والعمل على مواجهتها قبل أن تحدث ويحصل لها انعكاسات أخرى.